صعوبات التعلم المحددة في الكتابة ( عسر الكتابة/ الدسجرافيا )


صعوبات التعلم المحددة 
في الكتابة 
( عسر الكتابة/ الدسجرافيا ) 
الاستاذ الفاضل حمادة عبدالسلام
... ربَّما سمعت الكثير عن الدسلكسيا ( عسر القراءة ) أو صعوبة القراءة المحددة، وعن اضطراب نقص الإنتباه وفرط الحركة ، لكنك لم تسمع الكثير عن الدسجرافيا ( عسر الكتابة أو صعوبة التعلم المحددة في الكتابة)، ولكن إذا واجه طفلك صعوبة قي الخط اليدوي ، أو تعثراً في الإملاء، أو عانى مشكلات في التعبير الكتابي، فقد ترغب في معرفة المزيد عن هذه الحالة التي يُطلق عليها الدسجرافيا أو عسر الكتابة. فما الدسجرافيا؟ وما أعراضها أو الإشارات الدالة عليها؟ وما أنواعها ؟ وكيف يمكن التغلب عليها أو معالجتها ؟ 
مفهوم الدسجرافيا 
الدسجرافيا كلمة يونانية مؤلفة من مقطعين، هما: dys ومعناها " صعوبة" و graphia  ومعناها "التصوُّر الكتابي" ، أي أن المقصود بهذه الكلمة " قصور التصور الكتابي" أو "صعوبة الكتابة" ... أي أن الدسجرافيا صعوبة تعلمية محددة ينتج عنها خطّ يدوي سيّئ وغير مقروء ، وإملاء ضعيف ، وتعبير كتابي لا يتناسب مع المستوى الصفي للطالب، رغم أن قراءته قد تكون جيدة ، وقدراته العقلية في المستوى المتوسط أو فوق المتوسط. 
أعراض أو مظاهرالدسجرافيا 
فيما يلي أبرز المؤشرات على وجود الدسجرافيا لدى الطفل أو الطالب : 
- خطه اليدوي سيِّئ وغير مقروء – صعوبة في النسخ عن السبورة 
- صعوبة في تصوُّر شكل الحرف مسبقاً – مسكة غير صحيحة بالقلم 
- عدم انتظام كتابة الحروف على السطر – اختلاف أحجام الحروف وعدم تناسقها 
- عكس الحروف أو الكلمات – عدم ترك مسافة مناسبة بين حروف الكلمة أو بين الكلمة والكلمة الأخرى التي تليها – بطء في الكتابة ، وشعور بالتعب ، وتشنج اليد بسبب الجهد الكبير المبذول في كتابة الحروف أو الكلمات – صعوبة في تنظيم وترتيب الكلمات على الصفحة – صعوبة في فهم القواعد الإملائية؛ وكثرة الأخطاء الإملائية لدى الطالب – صعوبة في التعبير عن الأفكار كتابياً – صعوبة في تنظيم الأفكار على الصفحة. 
أنماط الدسجرافيا 
تتطلب الكتابة مجموعة مركبة من المهارات الحركية ومهارات معالجة المعلومات...فهي لا تتطلب القدرة على تنظيم الأفكار والتعبير عنها فحسب، بل تتضمن أيضاً القدرة على جعل أصابع اليد تقوم بتشكيل الأفكار حرفاً حرفاً على الورق، لذا يرى بعض المختصين وجود نمطين للدسجرافيا هما: الدسجرافيا اللغوية والدسجرافيا غير اللغوية. 
1. الدسجرافيا اللغوية...إنّ هذا النمط ناتج عن اضطراب لغوي ، والشخص الذي يعاني من هذا النمط تكون لديه صعوبة في تحويل أصوات اللغة إلى رموز كتابية تتمثل في الحروف والكلمات، كما أن لديه ضعفاً في معرفة التهجئة الإملائية لكل صوت لغوي. 
فالطالب ذو الدسجرافيا الإملائية الذي يكتب حروفاً معكوسة لديه صعوبة في تذكّركيفية تشكيل الحروف. كما أنه يتعثر في كتابة جمل صحيحة من حيث القواعد والترقيم، ويخطئ في استخدام الأفعال والضمائر. لذا نجد أن مثل هؤلاء الطلبة يتكلمون جملاً شفوية على نحو أكثر طلاقة وسهولة من الجمل التي يكتبونها. 
2. الدسجرافيا غير اللغوية...هذا النمط من الدسجرافيا ناتج عن صعوبات في أداء المهارات الحركية الدقيقة اللازمة للعملية الكتابية. 
أسباب الدسجرافيا 
يرى بعض الخبراء في هذا المجال أنّ الدسجرافيا ناجمة عن قصور وظيفي في الدماغ يحول دون ترجمة اللغة الذهنية إلى لغة مكتوبة ؛ أي ترجمة الصوت إلى الحرف الدال عليه ، وكذلك ترجمة الكلمة الشفوية إلى كلمة مكتوبة. وأظهرت نتائج بعض الدراسات في الدسجرافيا أن الإنتباه الضعيف ، والذاكرة العاملة الضعيفة، والمعالجة اللغوبة غير الفاعلة، ونقص المهارات الحركية الدقيقة جميعها تؤثّر على القدرة الكتابية للطالب. 
تقييم وتشخيص الدسجرافيا 
يُسْتَخدم في تقييم وتشخيص الدسجرافيا عدد من الإختبارات المقنَّنة لتقييم المهارات الحركية الدقيقة والتناسق البصري الحركي، مثل بطارية اختبارات فروستج للمهارات الحركية، واختبار اللغة المكتوبة لهامل لارسن، واختباربندر جشطالت. إلّا أنّ بعض المختصين الذين يُقيِّمون تطور الكتابة لدى الأطفال والطلبة لا يُحَبّذون استخدام أيٍّ من أدوات التقييم المقننة ، ويفضلون إجراء التقييم والتشخيص إستناداً إلى ملاحظة شكل الكتابة التي يقوم بها الطفل، ومقروئيتها، وسرعته في الكتابة، ومدى تحمّله هذه العملية الكتابية. ويرى هؤلاء المختصون أنّ على المقيِّم المختص ملاحظة ما يلي عند تحليله الخط اليدوي للطفل/ الطالب: 
- وضع اليد، الذراع، الجسم، والورقة
- مسكة الطالب للقلم 
- حجم الحروف: هل كان حجم الحروف كبيراً، أو صغيراً، أو شاذاً؟
- تناسب حجم الحرف مع الحروف الأخرى داخل الكلمة، وكذلك تناسب حجم الكلمة مع الكلمات الأخرى في الجملة . 
- تشكيل الحروف : دوائر؟  خطوط  مستقيمة غير مناسبة؟ الخطوط متقطعة ، غير مقروءة؟ 
- انتظام الحروف: خارجة عن السطر؟ غير منتظمة؟ 
- ترك المسافات: الهوامش غير متساوية؟ الحروف أو الكلمات مزدحمة أو مبعثرة على السطر أو الصفحة؟ 
- السرعة: يكتب بسرعة كبيرة جداً أو بطيئة جداً؟ 
الأثار السلبية للدسجرافيا على الطالب 
قد تُسَبِّب الدسجرافيا للطالب الذي يعاني منها صدمة عاطفية لأنه يشعر في قرارة نفسه أن لا أحد يستطيع قراءة ما يكتب، وأنّ أداءه الكتابي أقلّ جودة من أداء أقرانه. 
وتتضمن المشكلات العاطفية الناجمة عن الدسجرافيا انخفاض مستوى تقدير الذات لدى الطالب، وارتفاع مستوى القلق والإكتآب لديه . فمع أنّ هذا الطالب قد يبذل جهداً كبيراً كي تكون كتابته في مستوى أقرانه ، لكنه يصاب بالإحباط عندما يشعر أن هذا الجهد المبذول والعمل الشاق في الكتابة غير مجدٍ. 
كيفية التعامل مع الدسجرافيا والتخفيف من آثارها 
إنّ التعامل المناسب والعلاج الناجح يتمثل في ثلاث خطوات : 
• الوقاية
• المعالجة المبكرة 
• التكييفات التربوية 
في ضوء  الخطوات المذكورة أعلاه ينبغي تعليم أطفال الروضة وتلاميذ الصف الأول الطريقة الصحيحة في تشكيل الحروف. ولمّا كانت مهارة اليد تعتمد على مهارات التحكم بالعضلات والتناسق البصري الحركي والتمييزالبصري، فإنه ينبغي على المعلم أو المعلمة تطوير هذه المهارات الثلاث قبل أن يُطلب من الطفل الكتابة، وذلك من خلال تدريبات على القصّ، الرسم، والتلوين، وكذلك من خلال تطوير التمييز البصري عبر تدريبات على التمييز بين الحجوم والأشكال المختلفة. وبعد ذلك، ينبغي تدريب الطفل بشكل مباشر على رسم الحروف أوّلاً من خلال النمذجة، وملاحظة السمات الحاسمة لكل حرف من الحروف الهجائية، واتباع أسلوب الحواس المتعددة في رسم الحروف. وعلاوة على ذلك، ينبغي تدريب الطفل على الجلسة الصحيحة في أثناء الكتابة، والمسكة المناسبة  للقلم، ووضع الورقة؛ بحيث تكون على نحو مائل قليلاً نحو اليساربالنسبة لمن يكتب باليد اليمنى، وعلى نحو مائل قليلاً نحو اليمين بالنسبة لمن يكتب باليد اليسرى، لتمكينه من رؤية ما يكتب والحصول على تغذية راجعة فورية. 
وأما مساعدة الطالب في التغلب على صعوبة  الإملاء فتتطلب أساليب تعليم واستراتيجيات تعليمية عديدة ، من مثل " استراتيجية غطّ واكتب" ، " طريقة التصور الذهني" ، " طريقة فيرنالد المتعددة الحواس" ، " أسلوب جلنجهام – ستيلمان متعدد الحواس"، " استراتيجية سلالم الكلمات" ، وَ " طريقة الورقة المطوية". وإن شاء الله سيتم تناول كلّ من هذه الإستراتيجيات والطرق بتفصيل وافٍ مع أمثلة عملية في اللقاءات التربوية القادمة.
ولتطوير مستوى الطالب في التعبيرالكتابي ينبغي تدريبه ،على نحو تدريجي، على كتابة الجمل والفقرات من خلال الصور، والعصف الذهني، ومناقشته في العناصر الأساسية لعملية الكتابة الإنشائية.
أمّا التكييفات والتعديلات التربوية التي ينبغي توفيرها للطالب ذي الدسجرافيا فتتضمن توفير بدائل تربوية للتعبير الكتابي كالتخفيف من التعيينات المدرسية الخاصة بالتعبير، وتدريبه على استخدام الكميوتر في الكتابة، والسماح له باستخدام المدقق الإملائي  عند كتابته موضوعاً في التعبير، وإعطائه وقتاً إضافياً لإكمال عمله الكتابي، وتزويده بنماذج كتابية مختلفة وإجراء نقاش حولها وتحليل لمحتواها.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقياس مايكل بست لصعوبات التعلم

الوعي الصوتي

صعوبات التعلم المحددة في الرياضيات